في بحوث تتعلق بمسألة المهدي على ضوء كتب السنة    


     هناك بحوث تدور حول روايات في كتب السنّة تخالف هذا الذي انتهينا إليه ، ولربّما اتّخذ بعض العلماء من أهل السنّة ما دلَّت عليه تلك الروايات عقيدةً لهم ، ودافعوا عن تلك العقيدة ، إلاّ أنّنا في بحوثنا حقّقنا أنّ تلك الروايات المخالفة لهذا العقيدة ، إمّا ضعيفة سنداً ، وإمّا فيها تحريف ، والتحريف تارةً يكون عمداً ، وتارة يكون سهواً ، وتلك البحوث هي :
     أوّلاً : الخبر الواحد الذي ورد في بعض كتبهم في أنّ «المهدي هو عيسى ابن مريم»(1)، فليس من هذه الاُمّة ، وإنّما المهدي هو عيسى بن مريم ، فالمهدي الذي أخبر به رسول الله في تلك الروايات الكثيرة المتواترة التي دوّنها العلماء في كتبهم ، وأصبحت روايات موضع وفاق بين المسلمين ، وأصحبت من ضمن عقائد المسلمين ، المراد من المهدي في جميع تلك الروايات هو عيسى بن مريم .
     وهذه رواية واحدة فقط موجودة في بعض كتب أهل
____________
     (1) المنار المنيف لابن قيم الجوزية : 148 ، كنز العمال 14/263 ح38656 .
    



( 25 )


السنّة .
     وثانياً : الخبر الواحد الذي ورد في بعض كتبهم من أنّ «المهدي من ولد العباس»(1)، فليس من أهل بيت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) .
     وهذا أيضاً خبر واحد ، وكأنّه وضع في زمن بني العباس لصالح حكّام بني العباس .
     وثالثاً : الخبر الواحد الذي في كتبهم من أنّه «من ولد الحسن»(2)، لا من ولد الحسين .
     وهذا أيضاً خبر واحد .
     ورابعاً : الخبر الواحد الذي في بعض كتبهم من أنّ «اسم أبي المهدي اسم أبي النبي»(3) ، وأبو النبي اسمه عبدالله ، فلا ينطبق على المهدي ابن الحسن العسكري سلام الله عليهم ، فتكون رواية مخالفة لما ذكرناه واستنتجناه من الادلة .
     وخامساً : ما عزاه ابن تيميّة إلى الطبري وابن قانع من «أنّ الحسن العسكري قد مات بلا عقب» وإذا كان الحسن العسكري قد مات بلا
____________
     (1) المصدر نفسه : 149 ، كنزالعمال : 14/264 ح38663 .
     (2) المنار المنيف لابن قيّم الجوزية : 151 .
     (3) كنز العمال 14/268 ح38678 .
    



( 26 )


عقب ، فليس المهدي ابن الحسن العسكري .
     فهذه بحوثٌ لابدّ من التعرّض لها وإثبات ضعف هذه الاحاديث المخالفة ، أو إثبات أنّها روايات محرّفة .
     أمّا ما نسبه ابن تيميّة إلى الطبري صاحب التاريخ ، وإلى ابن قانع ، فهو كذب ، وقد حققته بالتفصيل في بعض مؤلفاتي .
     وأمّا بالنسبة إلى البحوث الاُخرى ، فلو أردنا الدخول في تحقيقها لاحتجنا إلى وقت إضافي ، فإن شاء الله تعالى بعد أن أُكمل البحث في هذه الليلة في الفصل الثالث ، إن بقي من الوقت شيء ، ندخل في هذه البحوث ، وحينئذ نصل إلى الفصل الثالث .
    


( 27 )

العودة للصفحة الرئيسية